Saturday, February 4, 2012

فقط من أجل مصر الوطن



غابت كلمة الوطن سنيناً طويلة و ضاع معناها .. تاهت ما بين معاناة يومية في التنقل والحركة والعمل لطلب الرزق الذي لا يكاد يسد الحاجات الأساسية لأفواه جائعة وبطون خاوية وأجساد تتستر بالرخيص من الملبس .. مواطنون يعملون في عملين أو أكثر حتى يستطيعوا توفير ثمن كتاب لإبن يتعلم أو طعاماً لطفل صغير .. 

لا أستطيع أن أطلب ممن لا يجد احتياجاته الأساسية ليحيا كإنسان أن يفكر في إنتماء لوطن أو حتى لمجموعة فهذه مرحلة تالية ربما يلتفت إليها بعدما ينجح في سد احتياجاته الفسيولوجية الأساسية ..

ربما تُلام سنين طويلة من الإستقرار والسلام والأمن لأنها لم تُستغل في تنمية حقيقية واستثمار في البشر .. وحتى عندما زادت معدلات التنمية بشكل ملحوظ وموثق لم تصل فائدتها لكل المواطنين بل حظي بمنفعتها فقط أهل الحظوة .. و لن أنسى ما حييت مقولة صديقي المتعلم المنتمي للطبقة العليا من الطبقة الوسطى المنقرضة في مصر حينما قال لي وقت انتخابات برلمان 2010 المشئومة -وهنا أنقل عنه- لو قامت حرب اليوم فلن أذهب لأحارب .. مصر لم تعد بلدي فليذهب ليحارب عنها أحمد عز وشلة المنتفعين ..

لا ألومه ولا اشك في وطنيته ولو للحظة .. ولكن أتفهم فعلاً وحقاً إحساسه بالمرارة والظلم في دولة الفساد التي لا حق فيها إلا بواسطة ولا أمل في حياة كريمة فيها إلا للمنافقين .. انتشرت فيها ثقافة الفساد المنهجي فطالما الكبير فاسد فلمَ لا أكون أنا أيضاً فاسداً حتى أعيش ..

وأتت 25 يناير كحدث جلل اتفق فيه غالبية الشعب على مطلب واحد .. أن ترحل دولة الفساد .. أن ترحل دولة العواجيز ولا تورث الشعب لسمو ولي العهد في جمهورية هي بالملكيات أشبه .. أسباب 25 يناير 2011 معلومة للجميع .. واضحة وضوح الشمس .. أما  ملابساتها وكيف حدثت وكيف تمت فأمامنا وقت طويل عندما تهدأ الأمور لنفهم ونحلل ونتخذ المواقف من جهة أو ضد جهة .. المهم كيف نجعل هذا الحدث سبباً في النجاح وليس الخراب لوطن وشعب ..

بدأ الصراع على السلطة بسقوط الحاكم الفاسد ولا أسميه الديكتاتور فوصف الديكتاتور به مجاملة كبيرة للرئيس السابق ولا أظنه يستحقها .. بدأ بطلاً مقاتلاً وكان يمكن أن يستمر ولكنه إختار أن ينتهي حاكماً فاشلاً لدولة فاشلة كل غرضه أن يورثها لسلالته .. ولا أسميه فرعوناً فالفراعنة أقاموا دولة يتحدث التاريخ عنها لآلاف السنين وقادوا شعبهم لمجد لا تخطأه عين القاصي قبل الداني .. أما هو فأفقر شعبه وأسكنه العشوائيات وجهلًه حتى يستطيع أن يقوده ويُوَرٍثه .. قضى على كل كفائاته بتقريب أهل الثقة وليس أهل الكفائة .. عموماً سأترك التاريخ ليحكم بما له وما عليه كما قال هو .. وهذه المرة وفي عصر المعلومات لن يستطيع أحد أن يُزيف التاريخ كما فعل هيكل من قبل .. المشكلة الآن هي العبور بالوطن إلى بر الأمان ..

الصراع على السلطة في مصر صراع شرس لا يدفع ثمنه سوى المواطن البسيط الذي يسمع مصطلحات ربما يسمعها لأول مرة في حياته .. وفي كثير من الأحيان لا يجد مبرراً منطقياً لأحداث كثيرة .. سأختار أن لا أحلل الوضع السياسي في مصر خلال عام من المرحلة الإنتقالية الآن فلهذا حديثٌ آخر في وقت لاحق .. ولكن مع تصاعد أحداث تُدمي القلوب ونزيف الدم المستمر لأطفال ومراهقين أجدهم يتم استغلالهم وهذا رأيِ من قبل فصائل متناحرة للسيطرة على الوطن وجدت لدي بعض الكلمات التي تبحث عمن يسمعها .. وضعتها في شكل تغريدات وهنا أجمعها لمن يريد قرائتها مكتملة .. 

 يلعبون على مآسي وووجيعة الناس ويأتون لكل واحد من حيث حلمه وألمه .. يظلون بلا خدش وأرواح بريئة تُزهق

يدخلون إلى المجتمع المصري من حيث نقطة ضعفه .. ويختارون مجموعات إنتمائها لمصر كوطن هو أقل كثيراً من إنتمائها لمجموعاتها


يبحثون عن هزيمة 67 مرة أخرى ولكن الجيش لن يهزم من عدو خارجي هذه المرة بل يُحضرون له هزيمة داخلية هي أكبر تأثيراً وأكثر فتكاً


يذكرونني بالآية الكريمة ... يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ


حسبنا الله ونِعم الوكيل .. وهو نِعم المولى ونِعم النصير .. نختصم لديه كل من يحرق بلادنا ويسعى في خرابها وقتل أطفالها وهزيمة جيشها 


عايزين الحل أو حتى بدايته !! اتحدوا يرحمكم الله .. صونوا أولادكم واحموهم ممن يستغلهم .. انفضوا عنكم السلبية وثوروا على أنفسكم لتُصلحوا شأنكم


اسمعوا بعضكم وخاصة صاحب الرأي المختلف .. اعلموا أنه وطن عزيز كبير يتسع لكل الأفكار والأيديولوجيات والإتجاهات الفكرية .. يسع الجميع


توقفوا عن تصنيف بعضكم البعض واختاروا هدفاً واحداً اجعلوه نصب أعينكم .. كيف يخرج هذا الوطن من كبوته وكيف يكون الغد أفضل


أوءدوا الفتنة فهي فتنة كبرى .. ابحثوا عن ما يجمعكم ليس ما يفرقكم ففي الإتحاد قوة .. انفضوا السلبية وتحملوا مسئولياتكم


لا تجعلوا حدثاً ربما كان أفضل ما حدث لمصر منذ قرون يتحول إلى نكبة أو نكسة أو مصيبة أو أي من التعبيرات التي يخترعها الخطباء المفوهون


احموا أطفالكم وعلموهم كيف يحبون وطناً ويحملون مسئولية نهضته .. لا تتركوهم عرضة لمن يدمر عقولهم البريئة بأفكار غرضها استغلالهم وليس مصلحتهم


اجتمعوا حول هدف واحد وانصروا الوطن .. انسوا خلافاتكم وتذكروه هو فقط .. واعلموا أنه بلا وطن فلا حياة لأي منًا


اقرأوا التاريخ جيداً لتفهموا الحاضر والمستقبل .. ولا تصدقوا كل ما تسمعون ولا نصف ما ترون


كونوا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً ولا تكونوا فرقاً متطاحنة .. "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين"


تمسكوا بدولة القانون التي تصون حق الكل بلا تمييز .. اضغطوا على الحاكم وصاحب القرار بكل وسيلة شرعية لتأخذوا حقوقكم


امتنعوا عن التخريب والقتل وتدمير البلاد بما يخدم مصالح البعض وليس الكل .. ليبدأ كل واحد بنفسه فيقوٍمها


لا تفتوا عن جهل أو عدم علم .. عندما يُطرح عليكم موضوع تجهلونه إسألوا واستقصوا الخبر اليقين فليس السؤال عيباً ولكن التصرف عن جهل مدمر


إعلموا أنكم حُرِمتم حقوقكم سنيناً طويلة بل وربما قرون .. آن الأوان أن يأخذ كل حقه ولكن لن يحدث هذا في عشية وضحاها فالنضال يبدأ الآن


كونوا إيجابيين وانفضوا السلبية .. قاطعوا كل منافق ينشر الطائفية والعنصرية والتفرقة بين أبناء وطن واحد ولا تزكوا النار لملوك الطوائف


كنتم مصريين والآن لا تعرفون بعضكم .. احترموا الخلاف وأدبياته فهو جزء أصيل من تكوين المجتمعات البشرية .. عودوا مصريين كما رأيتم أهلكم


الأمن مسئولية مجتمع بأكلمه والوطن مسئولية شعب .. اختاروا هل تريدون وطناً آمناً أم فوضى في كيان هش تتنازعه كل القوى


كلكم راعٍ وكل مسئول عن رعيته.. الحاكم .. الأب .. الأم .. الأخ الأكبر .. الأخت الكبرى .. الصديق ذو التأثير الأعلى .. المعلم .. تحملوا مسئولياتكم


لا تخشوا في كلمة الحق لومة لائم .. ولكن لا يعتقد أحدكم أنه يحتكر الحقيقة كاملة وحده .. اسمعوا بعضكم بدون أفكار مسبقة ولا نوايا مبيتة


لا تخلطوا المطلق بالنسبي .. في المطلق الإيمان والعقيدة والعبادة ومكارم الأخلاق .. وفي النسبي تتغير الآراء بتغير المعطيات فلا تخشوا تغيير رأيكم


لا تقدسوا الأفراد وتخلقوا منهم أصنام تعبدونها .. أثنوا على من أصاب وانتقدوا من أخطأ وقوٍموا من انحرف عن درب الصواب


انفضوا عنكم عباءة الكسل والتواكل واعملوا .. اعملوا حتى عندما تطلبون الأجر والحق تكونوا منصفين


في الأوقات العصيبة ترفعوا وارتفعوا عن المصالح الشخصية الضيقة وانظروا فقط لما يجمع شتات الوطن ويخدم مصلحة المجموعة وليس الفرد


وعندما يستقر الوطن تفردوا وتميزوا وكونوا أنانيين فقط في طلب العلم والمعرفة والتفوق .. كونوا متفردين كل في مكانه في منافسة شريفة


ارفضوا الفساد بكل أشكاله وتمسكوا بالقانون فهو وحده يضمن العدل والمساواة 


لا تحاولوا فرض أرائكم على الآخرين أو مصادرة أرائهم .. فقط استمعوا لبعض فلكل ما يضيفه للآخر


في هذه الأيام العصيبة انسوا كل شيء وتذكروا فقط أنكم كلكم جميعكم مصريين 

لست بواعظٍ أو خطيب .. إنما أنا من أواسط الناس أرجو الخير لوطني وأهلي .. وجدت عندي كلمة أعتبرها كلمة حق فقررت أن أقولها فربما يستمع إليها و لو شخص واحد .. و أختم كلامي بأن أدعو الله .. اللهم إني أستودعك مصر و شعب مصر و جيش مصر و أمن مصر .. اللهم إنك لا تضيع ودائعك و أنت على كل شيء قدير