Friday, March 23, 2012

مصر إسمها غلط



أي نعم .. مصر اسمها غلط .. مصر مؤنثة وهذا يخالف الحقيقة .. مصر بها كمية من الذكورية المرعبة .. وكله بإسم الدين والعادات والتقاليد .. المرأة المصرية مواطن من الدرجة الثالثة ولا تزال إجتماعياً تعاني وإن تمكنت من بعض حقوقها السياسية والأدبية

المرأة التي ناضلت من أجل حقوقها في أوائل القرن العشرين حتى نالت حق التصويت قبل دول أوروبية عديدة تجد نفسها في القرن الواحد والعشرين مجبرة على أن تسير إلى الخلف بسبب سيطرة التيارات الرجعية على الحكم بعد انتفاضة شعبية كانت أصلاً من أجل الحرية والكرامة والعدالة الإجتماعية

في بلد نصف تعداد سكانها من النساء وثلث عدد أسرها تعيلها إمرأة مازالت المرأة في أماكن كثيرة عورة .. ويتحرج الشخص من ذكر اسم والدته والزوج ينادي على زوجته بلفظ يا "ماما" والعائلة تسمي السيدة باسم ابنها البكر "أم فلان" لنجد أنفسنا في حيرة من أمرنا .. فحتى أمهات المؤمنين لم تكن أسماؤهن مخفية أو منكرٌ الإفصاح عنها بل كانت تلفظ السيدة فلانة بنت فلان وهكذا

لا شك ان القرن العشرين حمل الكثير من النجاحات والإنجازات وإقرار الحقوق للمرأة المصرية .. فأصبحت السفيرة والوزيرة والمأذون والقاضي وتأتى لها ذلك بعد صراعات طويلة كسبتها باجتهادها وإصرارها واستحقاقها لما اكتسبت .. ويأتي القرن الواحد والعشرين بردة فكرية من نوع متميز مع مد التيارات المتأسلمة المتشددة المحملة بدولارات النفط لنجد مدارس البنات في مرحلة الإعدادي وحتى الإبتدائي يفرض عليهن غطاء الرأس

وربما لم تختفي تماماً بعض الظواهر الإجتماعية المنفرة من معاملة الأرملة والمطلقة على أنهن عاهرات حتى يثبت العكس والتضييق عليهن في كل تصرف  وكل حركة ومعايرة من تعدت السن المتعارف عليه للزواج بوصفها بالعانس وهو وصف يحمل في طياته معاني المعطوبة أو من تركت بالخلف لعيب فيها حتى لو تعارض ذلك مع الحقيقة .. ما زالت المرأة المصرية تعامل كالممتلكات التي تورث من الأب للأخ للزوج للإبن حتى بعدما تعلمت وخرجت للعمل وأصبحت مستقلة مادياً ولكن ليس اجتماعياً

المرأة المصرية تُلام حتى وإن كانت الضحية .. فضحية الإغتصاب أو التحرش تخشى من الإبلاغ عن الجريمة حتى لا تُلام أنها بملابسها أو تصرفها قد جنت على نفسها وتسببت في الجرم الذي وقع عليها وكأن الجاني ليس له من أمره شيء أو بلا عقل كحيوان طليق في الشوارع يبحث عن فريسة ليلتهمها ويختار الفريسة "الرخيصة" وبهذا نقر أن الرجل حيوان بلا إرادة ولا قرار .. فقط هو مجرد مجموعة من الغرائز تمشي على الأرض بلا أي عقل يحكمها ونحكم أيضاً أن المرأة مجرمة لمجرد كونها إمرأة لا لذنب جنته

الملفت للنظر هو الإنحدار الجديد في الخطاب السياسي الموجه من الحزب الحاكم الجديد عن النساء وقضاياهم ومشروعات القوانين المرعبة التي يقترحها نواب أول برلمان منتخب انتخاباً حراً منذ ماقبل 1952 .. نجد أمينة الجواري ولا أجرؤ أن أقول أمينة "المرأة" في حزب الأغلبية لأن في هذا مسبًة عظيمة للمرأة الحرة مستقلة القرار وكاملة الأهلية .. نجد السيدة الفاضلة أمينة الجواري تنادي بتعليم الفتيات ما يؤهلهن للزواج من طبخ وحياكة إلى آخره باعتبار أن هذه هي مهمتهن الوحيدة في الحياة .. بالطبع لا غضاضة في تعليم الطبخ والحياكة للجنسين ولكن أن يصنفوا بأنهم عماد حياة المرأة فقط لهو شيء عجيب .. فأين الزواج أصلاً في مجتمع فقير يعاني من تضخم سكاني وندرة فرص العمل والعيش الكريم !!

نجد السيدة الفاضلة تهاجم المجلس القومي للمرأة مرة أخرى بدعوى أنه ينشر "أفكار غربية" وينفر النساء من الزواج ولا أعلم من أين أتتها هذه الفكرة اللولبية .. أي نعم اللولبية .. فلعمري أنه كلامٌ أحمق .. وتهاجم قوانين الأحوال الشخصية التي أعطت للمرأة المصرية مؤخراً بعضاً من حقوقها المهدرة في أن تختار بمليء إرادتها أن تكمل في حياة زوجية كريمة أو أن تخرج منها معززة مكرمة كما أراد الله والرسول لها

فالزواج عند المسلمين قبول وإيجاب .. وإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان .. والمولى تعالى وضع شرط قبول المرأة للزواج كنقطة رئيسية يكون بها عقد الزواج صحيحاً أم باطلاً .. وأعطى لها حق أن تشترط ما تشاء في عقدها من رفضها أن يتزوج بأخرى لحقها في تطليق نفسها وطالما وافق الزوج فهو مُلزَم والعقد شريعة المتعاقدين وأقر النبي الكريم بحق المرأة في الخُلع أو ترك زوجها طالما وفته حقه ولأي سبب أرادت حتى ولو كان فقط لأنها كرهته .. الإسلام دين حرية القرار والإختيار المطلقين لا يوجد به أبداً غصب أو إغتصاب

ونجد أيضاً في ظل موضة الردة الفكرية والفاشية الدينية المسيطرة من يطالب في البرلمان الموقر بتحديد سن زواج الفتاة بسن البلوغ 9 سنوات أو 12 عاماً لا فرق .. في تقنين صريح للإستغلال الجنسي للأطفال ويقول عن هذا سُنًة ! .. أيُ سنة هذه يا سيدي !! أكلٌ ما كان يصلح في عصر النبوة مازال صالحاً حتى الآن ؟ أكلٌ أعراف البادية تصلح لدولة حديثة !! الحياة تتطور ونحن ندعي أن الإسلام دين صالح لكل زمان ومكان يتطور مع تطور الأزمنة والعصور .. أم سنجد قريباً أنه من السنة عدم ركوب السيارة والعودة للجمل والبغل كوسيلة مواصلات !! إذن فلما تتبارون أيها النواب الموقرون في التصوير وأنتم تتحدثون في هذا الإختراع الكافر القادم من بلاد كافرة واسمه التليفزيون وتلتقط لكم الصور باختراعات ماجنة كافرة هي الأخرى اسمها الكاميرات !! أي عبث هذا !؟

يريدون أن يلغوا السن الأدنى للزواج والمُقَر ب 18 عشر عاماً للفتاة وان يلغوا تحديد الفارق بين سن الزوجين بما لا يتعدى ال 25 عاماً .. أنفهم من ذلك أنها قوانين رق جديدة تسن !؟ تقنين الإستغلال الجنسي للأطفال وتشجيع بيع الفتيات الصغيرات لأثرياء النفط !! أهي مكافأة لهم على دعمكم مالياً حتى تربعتم على عرش مصر !! أتبيعون بناتكم كثمن لوصولكم للحكم !! أخبرونا بالله عليكم إلى أين نحن ذاهبون .. وأي حرية وأي كرامة وأي عدالة كنا نروم !! .. العدالة في توزيع الجهل والفقر وبيع الأطفال !!

صدعونا بمقولة "بما لا يخالف شرع الله" حتى أصبحت نكتة ممجوجة وفي الأصل شرع الله وُجد لسعادة بني البشر فالإنسان هو المُستخلف على الأرض وكل ما فيها وما عليها مسخر لخدمته .. الإمام مالك بن أنس يقول "الفقيه هو القادر على استنباط الإباحة بدليل شرعي .. فالكل قادرٌ على التحريم وإنما الفقه في استنباط الإباحة" .. والإمام محمد عبده كان يقول "آتوني بما ينفع الناس .. آتيكم بدليله من الكتاب أو السنة" .. والنبي يقول يسروا ولا تعسروا .. وبعد ذلك نجد من يريد سن قوانين مخالفة لروح الشريعة الإسلامية وهو يزعق صارخاً بما لا يخالف شرع الله .. طالما تلك القوانين ستكون قامعة للمرأة ومستعبدة لها

عن أي شرع يتحدثون وأي دين يدعون إليه ! .. وعن أي بلد يتكلمون وأي شريعة يرغبون !! .. إنهم يرسخون لفاشية دينية معتبرة ويخططون لهدم الديمقراطية بمعول من أدواتها .. يخرجون لنا ألسنتهم من وراء أنيابهم وهم يتلمظون ويتهكمون أوليست هذه الديمقراطية التي تعبدون !! نحن من سنمسخها لكم ولن تستطيعوا أن تردونا .. وليس لنا إلا أن نتمنى معجزة إلهية ونقول "ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين"

عزيزتي مصر .. اسمك المؤنث خدعة كبيرة وكذبة سافرة .. من فضلك إبحثي لنفسك عن إسم ذكوري مرعب يناسب حالك فليس لبناتك  من كرامة على أرضك ..