Tuesday, November 27, 2012

البيان والتبيان في شرح تراجم الخرفان


ElBaradei Speaks Out against Morsi'Not Even the Pharaohs Had So Much Authority'

Democracy advocate Mohamed ElBaradei, former head of the International Atomic Energy Agency, is critical of Mohammed Morsi.Zoom
AP
Democracy advocate Mohamed ElBaradei, former head of the International Atomic Energy Agency, is critical of Mohammed Morsi.


أثار لقاء الدكتور محمد البرادعي مع صحيفة ديرشبيجل الألمانية ردود فعل عنيفة على موقع التواصل الإجتماعي تويتر عندما قام بعض منتسبي جماعة الإخوان بترجمة فقرة من الحوار وبدأوا في نشر فكرة تتمحور في الأساس عن تعاطف البرادعي مع اليهود وكأنها مسبًة-  في محاولات حثيثة وكما دأبوا على لي عنق الحقيقة لتلطيخ سمعة الرجل بدون أدنى ذنب اقترفه  

لست من دراويش البراعي ولا من منتسبي حزبه بل بالعكس أحمله مسئولية كبيرة عما وصل إليه الحال في مصر بعد أحداث يناير 2011 وما آلت إليه من إنهيار للدولة واتهامات جائرة وتهميش لكثير من المصريين الوطنيين .. ولكن الحق أحق بأن يُتبًع والرجل حقاً لم يخطيء في هذا اللقاء مع الصحيفة الألمانية ويتوجب علينا أن نحييه على نقله للواقع المصري الأليم بموضوعية للمجتمع الدولي .. فهو فعل يُشكر عليه ولا يُلام بسببه 

الفقرة التي استغلها منتسبي الإخوان هي هذه الفقرة :

SPIEGEL: Almost all of the liberal and Christian members of the constitutional commission have withdrawn. Why is that?
ElBaradei: Because we all fear that the Muslim Brotherhood will pass a document with Islamist undertones that marginalizes the rights of women and religious minorities. Who sits in this group? One person, who wants to ban music, because it's allegedly against Sharia law; another, who denies the Holocaust; another, who openly condemns democracy.

وفيها تتساءل صحيفة ديرشبيجل لماذا انسحب تقريباً كل الليبراليين والمسيحيين من اللجنة التأسيسية لكتابة الدستور ؟
ويرد البرادعي قائلاً : لأننا جميعاً نخشى أن جماعة الإخوان المسلمين ستمرر نصاً ذو صبغة متأسلمة يعمل على تهميش حقوق المرأة والأقليات الدينية .. ويوضح قائلاً ممن تتكون تلك المجموعة ! - أي هؤلاء الذين يكتبون دستور مصر الجديد - أحدهم يريد منع الموسيقى لأنه يراها مخالفة للشريعة الإسلامية .. وأحدهم ينكر المحرقة النازية وأحدهم يلعن الديمقراطية علناً 

لن أستطرد إلى ترجمة باقي المقال وفقط سأركز على ما ركز عليه منتسبي الإخوان ألا وهي تلك الفقرة

لابد أن نتوقف هنا لنتساءل .. لماذا تتعمد الجماعة في طرح ترجمة مغلوطة واجتزاء الكلام من سياقه ؟ لماذا تعمل الجماعة على تضليل الشعب مستغلة أن النسبة الأكبر لا تقرأ وإن قرأت فهي تقرأ العناوين العريضة فقط .. ومستغلة أن نقل الأحاديث والمعلومات الشفهية ثقافة للأسف متفشية بين المصريين 

ماذا تريد الجماعة ؟ هل تريد تضليل الشعب ونشر الأكاذيب حتى تتخلص من خصومها وتستعدي عليهم الناس ؟ هل ديمومة الجماعة في الحكم مرتبطة بنشر الأكاذيب والتمسك بقشور الأشياء والعمل الحثيث على تجهيل الناس ؟ أين النهضة في ذلك ؟ أم هي النهضة  بالجماعة إلى الحكم على حساب تشويه الخصوم وتجريس المختلف والعمل على تجهيل الجماهير ؟ 

ولماذا اهتم منتسبو الجماعة بمن ينكر الهولوكوست ولم يتطرقوا من قريب أو بعيد لمن يريد منع الموسيقى أو من يلعن الديمقراطية علناً بمناسبة أو بدون .. هل تتخيل الجماعة أنه لا يوجد في مصر من يعرف أي لغة أجنبية أم أن كل المصريين في تخيلهم تركوا التعليم في مراحله الأولى ؟ .. الإنتقائية هنا دليل نية خبيثة مبيتة واستهانة بالشعب المصري وإفصاح واضح أن جماهير الجماعة هم فقط العامة والدهماء ممن تستطيع أن تلعب على مشاعرهم دون مخاطبة عقولهم 
 
البرادعي يخاطب المجتمع الدولي وهو يعلم لغته .. هناك قواعد إنسانية اتفق عليها العالم المتحضر ولا يمكن أن يفرط فيها .. أولها حرية الرأي والتعبير وأهمها احترام الإنسان الفرد المفرد .. نعم يرى العالم المحرقة النازية جريمة لا تغتفر ولا يمكن إنكارها وإذا ما علمت الولايات المتحدة أن حلفائها الجدد ينكرونها ويشمتون في حرق البشر لمجرد أنهم من دين أو عرق مختلف فسيكون موقف الإدارة الأميريكية التي تحالفت مع هؤلاء بالغ السوء أمام العالم كله 

لا يمكننا إنكار التاريخ وإلا فليس لنا أن نعترض إذا ما أنكر العالم تاريخنا .. لا يمكن أن نشمت في حرق بشر عزل أبرياء في أفران الغاز لمجرد أن ديانتهم هي اليهودية وإلا فنحن مجرمين منزوعي الإنسانية .. واليهودية ديانة إبراهيمية ذات كتاب مقدس يعترف به المسيحيون والمسلمون أما الصهيونية فهي حركة سياسية عنصرية استيطانية والفرق واضح بين الاثنتين .. فلا كل اليهود صهاينة ولا كل الصهاينة يهود 

قد نختلف كما اختلف مؤرخون كثر على الأعداد التي  راحت ضحية للمحرقة .. وبالتأكيد نعترض على أن تكون هي حجة اسرائيل في ابتزاز العالم أو أن تفعل في الفلسطينيين ما فعله هتلر النازي بهم .. لكن لابد أن نعترف بالجريمة ولابد أن نفهم أن العنصرية النازية لم تحرق اليهود فقط بل والمعاقين جسدياً والسود وكل من رأت أنهم عبء على المجتمع أو من جنس أدنى من الجنس الآري الأبيض من وجهة نظرهم .. ولو كانت وصلت لبلاد المسلمين لكانت أحرقتهم فمعظم المسلمين إما ساميين كاليهود أو حاميين أفارقة كالسود .. الجريمة هي الجريمة ولا ينكرها إلا وحش منزوع الإنسانية والرحمة ومجرم لا يؤتمن على أرواح الناس ولا على مستقبلهم 

لا أجد البرادعي قد أخطأ بل بالعكس هو نقل للمجتمع الدولي بمنتهى الأمانة الواقع الحالي في مصر .. وهو قد فعل ما يجب على كل مصري يريد خيراً لهذا البلد ويجيد لغة عالمية للتواصل يوصل بها للعالم صوت الملايين من المصريين الأقل حظاً  

أعود لأتعجب من الجماعة الحاكمة التي لا غاية لها إلا تجريس المختلف وإغتيال الخصوم معنوياً ونشر الجهل بين الناس وكأنها لا تجيد شيئاً آخر بعد أن صدعتنا بأساطير النهضة وطائرها الأسطوري .. ليتضح لنا أخيراً أن طائر النهضة الحزين ما هو إلا طائر عقيم له رأس ثعبان وجسم خروف لا يطير