Friday, February 8, 2013

في البداية كان الشعب





مبدئياً لابد أن نقر ونعترف أن محاولة قلب نظام الحكم في 2011 لم تنجح إلا برضا قيادات الجيش .. قيادات الجيش أخذت القرار بإنهاء النظام السياسي القائم وتنحية مبارك وتسليم مصر لملالي الإخوان .. وحالياً المطلوب من قبل السيد الأمريكي هو الإستقرار على الأرض داخل مصر تمهيداً لتدويل سيناء وقناة السويس وتغيير عقيدة الجيش ليتحول إلى ميليشيات محاربة للإرهاب تحت إمرة البيت الأبيض بدلاً من كونه جيش مصري وطني 

خيانة قيادات الجيش للوطن "بسبب العجز أو التواطؤ أو الخسة إلخ إلخ" لا يهم فهو حقيقة واقعة .. ولكن هل هي خيانة حقاً أم هناك شيء آخر ؟ .. لكن قوام الجيش نفسه ما هو موقفه لانزال لا نعلم .. هل تبقى في الجيش من الوطنيين المصريين أم تحولوا كلهم     لموظفين ؟ .. ماذا يفعل الجيش بمصر ؟ هل لازال النزال قائماً أم قُضي الأمر ؟

الحقيقة على الأرض هي أن الإخوان لا يستطيعون إحكام السيطرة على الأرض المصرية وبالتالي هم لم يقدموا لسيد البيت الأبيض أول وأهم خطوة لإعتمادهم "أتباع له" أو كما يُقال حلفاء 

اللحظة الفارقة ستأتي بعد الحل في سوريا .. فلو تمت للإخوان السيطرة عليها فهم ماضون في مشروع الخلافة الذي ترفضه أمريكا بعنف .. أمريكا لن تسمح أبداً بعودة الخلافة التي كلفت العالم حرباً عالمية قبل 100 عام لإسقاطها ولولا تآمر المسلمين وخاصة أمراء الحجاز ما سقطت .. 

كشف الإخوان لعلاقاتهم الوطيدة مع ملالي إيران إن لم يكن بترتيب أمريكي لأمر ما فهو قمة الرعونة والغباء .. فإضعاف الشرق الأوسط وتمزيقه -وهذه هي إرادة السيد الأمريكي- لابد من أن يتم عبر خلق جبهة سنية وأخرى شيعية متناحرتان فيما بينهما "إحياء الفتنة الكبرى التي لم تمت تماماً مرة أخرى" .. فإذا ما وجد السيد الأمريكي أن الجبهتان متحدتان ففي هذا قمة الخطورة عليه .. فبهذا هو قد أعطى للعدو الإيراني أراضٍ جديدة يسيطر عليها الإخوان أصدقاء إيران 

الحل في مصر له شقان .. شق دولي خارج عن أيدي المصريين ويتعلق بالحسابات الخاصة لصانع السياسة الأميريكي وشق داخلي يتعلق بالشعب المصري ليس في رغبته في حياة أفضل ولكن في رغبته في الحفاظ على ما تبقى من وطن ممزق .. التاريخ يدون ويحكم والأهم أنه يعقد المقارنات .. لا ينكر أن وضع مصر والمصريين اليوم أسوأ مما كان عليه تحت حكم دولة يوليو وما تلاها إلا غافل .. ولكن هل الحل في إعادة إنتاج دولة يوليو ؟ ربما كان هذا هو الحل الوحيد ولكن العسكري الذي سيأتي للحكم الآن إن لم يكن لديه فكر مجتمعي قبل السياسي فمصر إلى دمار وتمزيق وتقسيم 

المعضلة التي نحن فيها جزء منها هو من إنتاج دولة يوليو التي أهدرت الثروات وجرفت البلد من كفائاتها ووضعت دائماً الرجل الغير مناسب في المكان الغير مناسب .. وجزء آخر منها هو مشكلة الشعب الكسول الذي لا يقدر العمل ولا يريد أن يتعلم أو أن يلحق بركب الحضارة وهو ما أنتج نخبة ضعيفة غبية لا تبحث إلا عن مصالح خاصة في ظل النظام الحاكم أي نظام حاكم .. وفي مقارنة سريعة نجد أن وقت حكم مبارك كانت هناك دولة وهناك معارضة .. أما اليوم فلا توجد معارضة ولا دولة وكلنا نعلم ذلك وإن تغاضينا عنه لسبب أو لآخر 

خارجياً أوروبا بدأت تعي خطر الإخوان على الضفة الجنوبية للمتوسط وبدأت تفهم الغرض الأمريكي من إضعاف القارة العجوز المثقلة بالديون والمشاكل والتي آذت نفسها بالاتحاد الأوروبي واليورو أكثر بكثير مما خدمت واقعها .. ودول الخليج العربي ماعدا قطر -دار الخلافة القادمة- في حالة عداء واضح مع الإخوان خاصة بعد اكتشاف خلايا إخوانية تستهدف السيطرة على الحكم في تلك الدول وبعد المسرحية الإستعراضية لنجاد في القاهرة 

داخلياً الشعب المصري في حالة ذهول من أفعال وأقوال -بتوع ربنا- الذين رفعهم إلى سدة الحكم فجعلوا واقعه مريراً ونشروا  الفرقة وفتحوا الأبواب والأبواق لقناعاتهم التكفيرية على يد حلفائهم الوهابيين .. الشعب المصري يبحث عن مصر التي يعرفها فلا يجدها ويبدأ بجلد ذاته والترحم على أيام مبارك التي كانت بكل تأكيد أفضل مما يعيشه اليوم وإن لم تكن بكل تأكيد أيام رخاء وعدل وإزدهار

ولكن وكعادة المصريين الكل يتحدث عن دور الدولة والحكومة ويتناسى دور الفرد ومسئوليته في إنتاج حياة كريمة في وطن هو للجميع .. الكل بلا استثناء إذا ما تمعنا في كلامه سنجد اعتناقه لأفكار الحكومة هي بابا وماما وأنور وجدي .. وكأنما الحكومة هي الأصل وبعدين طلع لها شعب بينما الواقع أن الحكومة هي إنتاج الشعب ففي الأصل كان الشعب الذي اختار حكومة أو حتى سمح لفئة باغتصاب السلطة لتكون حكومة ويرضخ هو لها 

السؤال الآن .. هل يصل الإحتقان والنار التي تحت الرماد إلى انفجار الشعب في وجه ملالي الإخوان ؟ إذا ما أراد المصريون الخلاص فلا حل لهم سوى إعلان العصيان على دولة الملالي الجديدة التي لن ترحمهم إن استقرت .. هل يعلن المصريون العصيان الكامل على العشيرة الربانية !؟ سؤال لا أجد شخصياً له إجابة وربما يجيب عنه الآتي من الأيام