Friday, October 14, 2011

حرب الهاش تاج

عدت الى منزلي بالأمس بعد منتصف الليل وكالعادة قررت أن ألقي نظرة خاطفة على صديقي المتوتر دائماً تويتر والذي يكون مفعماً بالحياة في ليالي آخر الأسبوع ... نظرة عامة لأعرف آخر الأخبار والأشاعات والخناقات والمشاحنات و "مين شتم مين و مين بلٍك مين" ...

فتويتر هو المدرسة الثانوية اللتي أصبحنا كلنا نشتاق اليها ونتمنى أن يعود بنا الزمن لنصحح أخطاء قمنا بها نتيجة عدم خبرتنا الكافية في الحياة ... و أن كان تويتر يثبت نظرية أن المدرسة الثانوية ستظل بنفس القواعد و الممارسات حتى ولو كان طلابها ممن قاربوا الأربعين أو تعدٌوها ... المهم أن تويتر ليس فقط مدرسة ثانوية تعج بالحياة المراهقة و محاولات أثبات الذات و استعراض العضلات و تكوين صداقات جديدة ... و لكنه أيضاً آداة اعلامية قوية لنشر الشائعات و الأخبار على حدٍ سواء و ربما يكون آداة لقياس الرأي العام في بعض الأحيان وليس كلها ... و وسيلة شريرة للتغلغل في مجتمع ما و خلق رأي عام جديد حتى و أن كنت تبعد عن هذا المجتمع آلاف الأميال ...

الصادم في ليلة الأمس هو أني وجدت الجميع يتحدث وبلا هوادة مع أو ضد هاش تاج ليلة الجمعة و ياله من هاش تاج ... و الهاش تاج هو عبارة مميزة أو كلمة أو جملة ترفقها بعلامة الشباك مع تغريداتك لتجعلها متعلقة بموضوع معين ... أي شخص يريد أن يتحدث في هذا الموضوع أو أن يحلله ما عليه الا أن ينقر على هذا الهاش تاج ويرى كل ما يقوله الآخرون في هذا الموضوع ...

هاش تاج الأمس ليلة الجمعة 14-10-2011 كان مميزاً للغاية ... #TweetsElNoshata2 ويعني تغريدات النشطاء على تويتر والهدف منه هو نقد أسلوب من يسمون أنفسهم النشطاء سواء كانوا نشطاء سياسيين أو حقوقيين أو نشطاء في أي شيء من مسابقات مين ياكل سندوتشات هوت دوج أكتر الى مسابقات من يهدم وطن أسرع ...

الحقيقة أن النقد كان لاذعاً جداً و في بعض الأحيان جارحاً و أحقاقاً للحق هو لم يتعدى أسلوب النشطاء أنفسهم في معاملة والحديث عن كل من هو ليس "ناشط" ... من اطلاق الأحكام والتصنيف وألصاق تهم الأمراض النفسية بكل من هو صاحب رأي مختلف حتى و أن كان الهدف المعلن واحد ...

المشكلة أن هذا الهاش تاج كان بمثابة فرصة للأنفجار في وجه من سفهوا المصريين كثيراً بدءاً من وصفهم بالخنوع و العبودية وأنعدام الرأي والجهل والألتصاق بالكنبة الى أمراض النفس البشرية من حب تعذيب الذات والوقوع في غرام المجرم الى أنهم كلهم منتفعون وفلول نظام قديم سقط و هو ما يعني أن الشعب المصري "ما عدا النشطاء" طبعاً كله يمثل الفئة المدحورة أو المهزومة و حتى اللفظ الجديد المعبر الذي أطلقته أحدى أكثر الشخصيات أثارة للجدل والسخرية و الأستهجان في مصر و هو "المواطنون الشرفاء" و الذي تقصد به الناشطة اللوذعية العكس طبعاً و دائما ما تقرنه بتعبيرات تعبر عن ان هؤلاء المواطنين الشرفاء يتم أغتصابهم منهجياً و هم راضون ... و أن هي طبعاً كمواطنين شرفاء انبسطت ...

و لا أفهم حقيقة كيف لمن يدعي أنه نخبة المجتمع و أفضل ما فيها أن ينظر لنفس المجتمع هذه النظرة الفوقية الممزوجة بثقافة متعصبة تستهين بالكرامة البشرية و تعتبر الأيذاء البدني أو الأغتصاب شيئاً قد يكون محبباً للنفس ... ألا بالطبع لو كانت هذه "النخبة" المزعومة قادمة من أحط مستويات المجتمع أو تعاني شخصياً من عنف بدني مورس عليها وأقنعها البعض أنه عادي أو شيء لطيف ... حقيقة لا أعلم ولا أملك الخلفية العلمية لتحليل مثل هذه الشخصية الجديرة بالدراسة ...

في حقيقة الأمر أن صاحب الرأي الذي يخاف أن يقول رأيه حتى لا يفقد معجبيه أو متابعيه أو قراءُه لا يستحق أن يطلق عليه صاحب رأي و أنما مُرتَزِق و لكن عندما تكون هناك ظاهرة نقدية لتصرفات مجموعة ارتضت لنفسها العمل العام و ان تكون شخصيات مؤثرة في مجتمعها فالأصح أن تحاول هذه المجموعة الأستفادة من النقد الموجه أليها و تحمل ما قد يكون به من شخصنة أو تجريح لتحسن من أدائها و تصل ألى شريحة أكبر بآرائها و هو عكس ما حدث بالأمس تماماً ....

فبعد الصدمة الأولى للنشطاء من حجم و كمية و عدد من ينتقدونهم و من يذكر لهم تغريداتهم بسياق معين يحمل معان أو اهداف معينة ... كانت الأستجابة بأطلاق عدد 2 هاشتاج للرد على الهاش تاج الذي أزعجهم #tweetselshorafa2 و #TweetsElkanaba ... و بدأ السب بأقذع اللفاظ و أعادة لمسلسل يا فلول يا كنبة يا جاهل يا عبد يا مريض يا بتاع البيدزا و عمرو مصطفى ... و هذا أن دل على شيء فهو يدل على حالة عقلية فريدة من الأنعزال و الفوقية و السطحية و العدوانية لكل مختلف ... مع أنه من المفروض أن رسالتهم هي الحرية في الرأي و التعبير و تقبل الآخر ... و لكن أهذه حقاً هي رسالتهم !؟ ... ام أنهم على هدى نجومهم و مُنظِريهم يطلبون لأنفسهم فقط حق التحكم في المجتمع و لا يقبلون الأختلاف معهم و الا يتم التمثيل بهذا المختلف بأسوأ الطرق بدءاً من السب و التحريض على سبه أو أغلاق صفحته في محاولة لتكميم فمه ونهاية بالتشهير به على القنوات الأعلامية للنشطاء ...

الشعب المصري به الكثير من العيوب و يمكن انتقاده و وصفه بأوصاف كثيرة و لكن أحقاقاً للحق ليس من ضمنها الغباء ... نشطاء الشبكات الأجتماعية وقعوا في خطأ من ثاروا عليهم ألا و هو احتقار الشعب و احتكار الحقيقة و العلم بما هو مصلحة الوطن لأنفسهم فقط ... نادوا بالحرية لأنفسهم فقط ... حرية سب الناس و التشهير بهم ... حرية افتعال الفوضى و عدم الألتفات لمصالح الشركاء في الوطن مدًعين ان هذه هي الديمقراطية و هي منهم براء ... تقوقعوا على أنفسهم في الفضاء الأفتراضي جامعين حولهم التفهاء و السفهاء و عديمي الشخصية ممن يبحثون عن قطيع ينتمون أليه تحقيقاً لذات من المستحيل تحقيقها في الواقع لعدم أهليتها أن تكون مواطناً منتجاً محققاً لذاته ... و كل وظيفة هؤلاء التابعين هو ترديد ما يقوله النشطاء و الريتويت و افتراس من يختلف مع أسيادهم الذين يتبعون ...

ما أراه هو أن الحراك السياسي في مصر الآن سيفرز نخبة تعبر عن شعبها و أن النخبة الفضائية المُغيًبة ستسقط قريباً جداً بعد ان لفظها الناس الا من رحم ربي و أدرك خطأه و حاول التفاعل بشكل مفيد للوطن و الناس و ليس لمجده الشخصي و زيادة الدولارات و الريالات في حسابه البنكي ... و لمن نسي فالشعب هو مصدر السلطات ... أرتضيتم لأنفسكم ان تكونوا شخصيات عامة فتحملوا النقد ... حاولوا ان تفهموه و تستفيدوا منه في تقويم تصرفاتكم و لغتكم و أفعالكم ... و تذكروا دائماً أنه لا حرية لأعداء الحرية ...

أعزائي النشطاء بمختلف أهوائكم و مشاربكم و أهدافكم ... لا تنهَ عن خُلقٍ و تأتيَ مثلهُ .... عارٌ عليكَ أذا فعلتَ عظيمُ 



4 comments:

  1. بالله عليكى كيف يمكن للبعض ان يطالب بأن يتبوأ هؤلاء وامثالهم من اصحاب الفكر الضحل مراكز قيادية فى بلدنا،ان مبدأهم الأساسى هو تحقير الرأى الآخر وان لا صوت يعلوا فوق صوتهم ..هل نحن مقبلون على نوع جديد من انواع الديكتاتورية؟..ربنا يحمى مصر.

    ReplyDelete
  2. نحن أقبلنا بالفعل على حرب نهاية الدولة المصرية بسبب تدخل العامة و "الرويبضة" فى صميم عمل الحاكمو هذا ما سيجر البلد إلي النهاية و لم يتعظ أحد من هؤلاء "المتسيسين" مما حصل بالعراق على سبيل المثال

    لا بد أن يهدأ الجميع لنسمع أحدنا الآخر..و لا بد أن نتفق على ترك السلطة لمجموعة أو فئة لتدير شئون البلاد حتي تنعم البلاد بالإستقرار

    ReplyDelete
  3. نتيجة الانتخابات ابلغ رد:)

    ReplyDelete