Sunday, January 13, 2013

دولة الآنون ..






مبارك محبوس حالياً 15 يوم على ذمة قضية "فساد" وهي تلقي هدايا من وكالة الأهرام للإعلان .. مش هنتجادل في إن الدعاية الإعلانية مباحة وأمر متعارف عليه ومقنن ولكن الموظف العام مش مفروض يتلقى هدايا إلخ .. لحد كده ده قمة التعبير عن دولة القانون وإعلاء محاسبة المسئولين أياً كانوا .. لكن هل هناك انتقائية في تنفيذ القانون ؟ في تطويعه ضد أشخاص بعينهم !!

بس نفس الدولة -دولة القانون- بتفرج عن قتلة المصريين والإرهابيين والمدانين المحكومين في قضايا ترويع وإرهاب وتجارة سلاح لدرجة أن أحد المشاركين في اغتيال رئيس مجلس شعب سابق تم تعيينه نائباً -عن نفس الشعب- في مجلس الشورى !!

ومجلس الشورى ده بيشرًع قانون يسمح للمتهرب من الخدمة العسكرية -عادة التكفيريين والإرهابيين والمجاهرين بعدم إنتمائهم لذات الدولة- بيسمحلهم بالترشح لانتخابات مجلس الشعب ومش بعيد بعد كده الرئاسة !! ..

الحالتين دول في نفس الدولة هم التعبير الصريح عن تطويع القانون لخدمة مصالح جماعات محددة تمكنت من الوصول إلى السلطة وليس إعلاءَ لدولة القانون اللي بتعني إن الجميع متساوين في خضوعهم لسلطة القانون أياً كان منصبهم ..

بالتأكيد استخدام السلطة التشريعية لتشريع قوانين تنسف مبدأ المساواة وتفرغ أحكام المحاكم من محتواها مؤشر واضح لما أصبحت عليه مصر الآن .. وصلنا لمرحلة المحاكم تحكم زي ما هي عايزة والسلطة التشريعية تطلع قوانين تضرب بالأحكام دي عرض الحائط وتظبًط الوضع للمرضي عنهم من الحاكم ..

يا سادة وكما نحتاج لتعريف الشعب المصري بما هي الديمقراطية وقواعد ممارستها وما هو الفرق بينها وبين الأوليجاركية وديكتاتورية الأغلبية أصبح من المهم أيضاً أن نعرف ما هي دولة القانون التي تعتمد بالأساس على الفصل بين السلطات ووضع آلية في نفس الوقت لتراقب تلك السلطات المنفصلة بعضها البعض ..

ما يحدث في مصر الآن بالتأكيد ليس بتحول ديمقراطي ولكن تحول من حكم شمولي إلى حكم فاشي ديكتاتوري شمولي .. المشكلة هي كيف توصل المعنى لجموع الشعب الغير مُسيًس ! الشعب المهتم فقط بأمور حياته اليومية .. والمشكلة الأكبر أنه لا توجد نخبة يثق بها الشعب وتحرص هي على الإرتفاع بوعيه السياسي لأنها فقط مهتمة بالجري  وراء المصالح الشخصية لها من مال وشهرة وتفضل نفاق الشعبوية عن تقديم خدمة حقيقية للمجتمع بتوعيته وتثقيفه سياسياً .. 

وهنا أتذكر كلمات نجيب سرور :
تسرق شلن تبقى فضيحة وجُرسة وجريمة 
تسرق ألوف الألوف تصبح من الأبطال 
وكل ما السرقة تكبر القانون سيما 
وكل ما السرقة تصغر فيه حلال وحرام 

الموضوع حالياً تعدى سرقة الأموال إلى سرقة الأوطان .. وكله بالقانون .. قانون تُشرٍعه العشيرة ليحافظ على حكم العشيرة ويعزل ويُقصي من ليس من العشيرة .. قانون مغلف بإطار رباني من عشيرة ربانية لا تُسأل عما تفعل ومن دونها يُسألون .. قانون يُبريء أفراد العشيرة وإن أُدينوا بأحكام قضائية .. 

يا سادة لا حاجة لنا بالمحاكم فالقوانين لا تُطبق والأحكام لا تُنفًذ .. إلغوا المحاكم فلا قيمة لها الآن فهو حكم العشيرة والعشيرة فوق القانون .. أي قانون وكل قانون .. يا سادة هذه ليست دولة القانون فلا تصدقوا الخدعة .. القانون سيما ومنظر ولبانة تلوكها الألسنة دون معنى ودون محتوى .. القانون يتم تفصيله على "باترون" مصمم لمقاس البعض وللحفاظ على مصالحهم دون غيرهم .. 

وإذا ما انهارت دولة القانون فقد انهارت الدولة .. وهي فعلاً قد سقطت وانهارت .. سقطت يوم وضعتم القوة فوق الحق ويوم ناديتم بمحاكمكم "الثورية" لتطيح بخصومكم سواء الفكريين أو السياسيين .. سقطت وانهارت يوم طلبتم الخروج على القانون ومحاكمة الناس بما يتوائم مع مصالحكم فقط فلا تلوموا العشيرة التي استخدمتكم وهي تنفذ حالياً ما طالبتم به ولكن لمصلحتها فقط .. 

انتهت الدولة وسقطت وأنتم الآن تحصدون ما زرعتم من أشواك .. استمتعوا بدولة "الآنون" التفصيل .. ومعلش مش مشكلتنا إن الآنون التفصيل مش بيخدم مصالحكم لكن بيخدم مصالح اللي استخدموكم .. أصبح واضحاً أن مشكلتكم مع النظام السابق لم تكن أبداً فساده ولكن كانت عدم إشراككم في غنائم هذا الفساد .. ولا أتوقع أن يعتبركم النظام الجديد شركاء في جني الثمار أبداً فالنظام الجديد أول ما سيحصد من ثمار سيحصد رؤوسكم .. وبالآنون .. 






No comments:

Post a Comment