Thursday, May 16, 2013

وأخيراً أحكي عن التاكسي




اشتهرت أوي في 2011 حكايات سواقين التاكسي على تويتر .. وبالطبع مساندتهم العنيفة للثورة وإنشغالهم بحساب نصيب كل واحد من ال 70 مليار دولار التي قيل أن مبارك يمتلكها وأن الثورة ستعيدها لتوزعها على أبناء الشعب في استحضار لعبد الناصر وتأميمه وسحقه وبطشه بالطبقة النبيلة والأرستقراطية وحتى ما دونها من الميسورين في مصر إبان انقلاب 52 .. ريتوريك يخاطب الطبقات الدنيا ويسعى للتأليب الطبقي وينافق الشعبوية 

لم أكن أهتم بحكايات التاكسي وإن كنت أعرف أن بالتأكيد بعضها صحيح وأن قيمة حكايات التاكسي كبيرة لمن يريد أن يعرف مصر من العمق .. حتى أن كاتباً مشهوراً أصدر كتاباً في 2009 سماه "تاكسي" وحقق نجاحاً كبيراً وقتها وتمت ترجمته للإنجليزية .. أنا لا أتحرك بالتاكسي ومنذ عقدين إلا في أضيق الحدود وبالتالي لم تكن لي الفرصة السانحة لأختبر ما يقوله سائقو التاكسي بنفسي ولكن أسمع أحياناً روايات من أشخاص أثق بهم وبأنهم لن يكذبوني خبراً وها قد آن الأوان لأحكي أنا الأخرى حكاية منقولة عن سائق تاكسي .. أحكي أنا بعد أن صمت الجميع وسرد الجميع كل القصص الممكنة .. وأختار أن أحكيها باللغة المصرية لما لجملها ومعانيها من تأثير .. حكاية مصرية خالصة من مواطن مصري 

أخويا بيحكيلي النهاردة عن سواق تاكسي ركب معاه مشوار طويل شوية فكان لابد من الكلام .. والكلام أكيد عن السياسة والاخوان وحال البلد .. السواق فلول راديكالي نزل كل مظاهرة مع عكاشة وانتخب شفيق مرتين .. غضبان مقهور مكتئب لكن حاجة واحدة مأثرة فيه أكتر من أي حاجة تانية .. بيحكي انه وقت انتخابات الرئاسة ركب معاه زبون وبرضه كانوا بيتكلموا في السياسة والزبون فضل يكلمه عن الفساد وان الاخوان اتعذبوا ولازم ياخدوا فرصتهم ودول ناس بتوع ربنا  

السواق المفروس كان بيسمع لكن جملة واحدة بس أنهت الموقف بإنه طرد الزبون من العربية في وسط المشوار .. جملة واحدة سواق التاكسي مش قادر ينساها ولسة واجعاه وحازة في نفسه لحد النهاردة وبعد 10 شهور .. جملة قالها الزبون الإخوانجي ببجاحة وصفاقة ومازال فاكرها السواق بمنتهى الغضب .. الزبون متحدثاً عن العشيرة وشارحاً لسواق التاكسي : الجيش ده احنا هنديه بالجزمة .. وقد كان 

سواق التاكسي بيحكي بمرارة والجملة جرحته ولا كأنه هو قائد الجيش ده .. خايف على جيش بلده يمكن أكتر ما هو خايف على نفسه .. متألم وحاسس بالإهانة الشخصية حاسس بطعنة موجهة لكرامته هو .. يا ترى فيه أد إيه في مصر زي صاحبنا ده ؟ قليلين ؟ كتير ؟ معرفش .. القصة أحزنتني وأوجعتني وخلتني أفكر في معنى الكرامة .. إيه هي الكرامة وإيه هو معناها من وجهة نظر المصري الحديث مصري الألفية التالتة ؟ هل في البلد الفقير المليء بالمآسي والكوارث ده لسة فيه ناس عارفة معنى الكرامة وبالنسبة لها يا ترى الكرامة دي متمثلة في إيه ؟ هل لسة فيه عند المصريين كرامة وطنية !

يا ريت تمرد اللقيطة مجهولة النسب قبل ما تمَضٍي الناس في الشارع وتاخد أرقامهم القومية لصالح الله أعلم مين تبأة تكتب على أوراقها ما كتبته على صفحتها على فيسبوك ثم عادت لتمسحه وما يستغرب المروجون له أن الناس هاجمتهم بسببه في صفحات العالم الإفتراضي .. عايزين نعرف رأي الناس في الشارع في شعارات مثيلة ل "الجيش المصري الصهيوني" و "يسقط يسقط حكم العسكر" و "الثورة فوق العسكر" و "الثورة مستمرة" الآن وبعد نجاح انقلاب/ثورة الإخوان وتسلمهم لمقاليد الحكم في مصر لما يقارب العام 

وبعد خطف تلات ظباط ومقتل 16 جندي وخطف سبعة آخرين اليوم والكل يتحدث عن الكرامة المهدرة في حين أن الجيش يتحدث عن الشرعية ويدعو الشعب للخضوع وشد الغطاء والإستماع إلى حدوتة قبل النوم من وزير الدفاع .. وجبهة إنقاذ الإخوان تساوم الإخوان على الإشتراك في الانتخابات البرلمانية وعدد المقاعد .. عن أي كرامة يتحدث المصريون ؟ عن كرامة كانت ؟ عن كرامة أهدروها بأيديهم ولم يشفع لديهم دم أبنائهم وإخوتهم الذين ماتوا في ثلاث حروب صعبة بسبب قناة السويس التي لا يهتمون الآن ببيعها أو حتى بالتمهيدات الجارية لإنفصال الجزء الآسيوي من الأراضي المصرية ؟ بالله عليكم عن أي كرامة تتحدثون ؟ 

ويا ريت محدش من اللي عصر لمون أو قاطع أو أبطل وشارك في الجريمة ولو بسلبية يا ريت مايكلموناش تاني عن الكرامة والأخلاق والوطن .. يا ريت ما يكلموناش عن أشياء لا يعرفوها ففاقد الشيء لا يعطيه .. استكفينا منكم ومن غثائكم الأحمق 




1 comment:

  1. ربما كنت من المحظوظين الذين تعاملوا مع سائقى التاكسى بكثافة خلال العامين الأخيرين ومن خلالهم تعرفت على الوجه الحقيقى للمصرى الأصيل علماً بأنهم يمثلون شرائح متعددة من مجتمعنا ولفت نظرى انهم كانوا ينتظرون فتح الحديث عن الأوضاع من ناحيتى حتى يتأكدون من اتجاهى وعندئذ ينفسون عن مكنون صدورهم بطلاقة ولكن منذ عدة شهور تغير الحال فأصبحوا هم الذين يبادرون بالكلام غير عابئين والمدهش اننى لم اقابل منهم سوى واحد فقط كان مؤيداً لمرسى ..المهم ولعدم الإطالة فقد لفت نظرى مدى تأييدهم للجيش وارتباطه النفسى لديهم بالعزة والكرامةالوطنية ..ولا اخفيك سراً اننى كنت استمد منهم قدر غير قليل من التفاؤل والأمل فى المستقبل..تحياتى لحضرتك

    ReplyDelete