Friday, August 30, 2013

إنت فين يا مينا-نارمر ؟






مصر بلد لا تُحكَم بالدساتير .. لا اتحكمت بدستور ٢٣ "ما حصلش وبأت فعلاً ملكية دستورية الملك فيها يملك ولا يحكم" .. ولا اتحكمت بدستور ٣٠ اللي وقع بعديها على طول ولا اتحكمت بدستور ٥٤ "عبد الناصر رماه في الزبالة وبعت ضرب السنهوري وهتفت الرعاع والغوغاء تسقط الديمقراطية" وبعدها عاشت ١٩ سنة من غير دستور "من ٥٢ إلى ٧١" وبرضه لم تُحكَم بدستور ٧١ اللي عبارة عن "بستان من كل زهرة" ولا اتحكمت بدستور قندهار ٢٠١٢ ولا هتتحكم بالدستور اللي جاي 

مصر بلد الموائمات والصوت العالي يكسب .. صحيح المواطن العادي هو اللي بيتمرمط بالقوانين المبنية على الدساتير لكن وهو ده يهم السياسيين في إيه مثلاً !! ولا حاجة .. مصر بلد الرجل الواحد والرأي الواحد والزعيم الواحد ولا أعتقد هتتغير في المنظور القريب .. هتفضل تعتمد على رؤية الزعيم وهو عايز إيه وإيه العضمة اللي هيرميها للطيف السياسي ده أو دُكهوه  

عبد الناصر حب يدي الستات حق التصويت فعملها من غير دستور .. السادات حب يبني المؤسسات اللي دمرها عبد الناصر وعمل دستور وكل حاجة بس رزع المادة ٢ عشان يمرر عدد فترات حكم لا منتهية ما استفادش منها واتقتل .. مبارك حب يحرر الاقتصاد بس ماقدرش ومش بسبب الدستور لأ بسب حشد الإخوان وحلفائهم من اليسار في الشارع .. حب يدي للمرأة شوية حقوق عملها بلا مساس يذكر بالدستور .. مصر مش بلد دساتير مصر بلد الزعماء والموائمات 

وعليه لازم نختار "الزعيم" القادم بمعايير حداثية منفتحة أيديولوچياً وقدرة على حكم بلد فلت عياره .. يمكن ده كان سبب انتخابي لشفيق مرتين عالأقل الراجل قال لخيري عالملأ آه طبعاً أنا ليبرالي ومالها العلمانية يا خيري ؟ .. كان واضح في رؤيته وأيديولوچيته ولا خاف ولا جَبُن .. غيره اتحرج يفصح وغيره ماقالش حاجة خالص وغيره قال كلام غير مفهوم من عينة "بوروروم" 

هعتبر إن مصر زي انجلترا وإسرائيل بلا عقد اجتماعي مكتوب وهريح دماغي .. معنديش أدنى أمل الدستور القندهاري المعدل تتطلع منه حاجة عدلة أو بقدرة قادر يتحول إلى دستور مناسب للقرن الواحد والعشرين .. وعليه هختار "الزعيم" القادم على أسس أيديولوچية بجانب طبعاً الشروط اللي محتاجاها مصر حالياً عشان تفضل بلد على مثال إنه يكون شرس ومفتري وقادر على البطش ويجيد استخدام الكرابيج السوداني

أفندم ؟ ديمقراطية ؟ ديمقراطية إيه ! لا عندنا لا البيئة الحاضنة للديمقراطية ولا الشعب السلطوي المتعصب الجميل ده بيمارس الديمقراطية في حياته العادية ولا فيه أمل إنه يفهم الديمقراطية دي نوع من العسلية ولا الفونضام في المدى المنظور اللي هتخلص فيه حياتي 

أصلاً الديمقراطية في بلاد العالم الأول تطورت كتير عن مفهوم الديمقراطية اليوناني الضارب في القِدَم اللي بتتكلم بيه نخبتنا العزيزة الفاضلة .. تحول من مجرد حكم الشعب للشعب بالشعب واللي عبر عنه يوسف معاطي بذكاء شديد في "العرًاف" بالطابور الطويل اللي واقف منتظر يسحب ورق الترشح لرئاسة الجمهورية وفيه النصاب وفيه العواطلي وفيه اللي جاي يتسلى واللي جاي ياخد شوية شهرة وتلميع .. تحول وتطور إلى حكم المؤسسات 

في أمريكا مثلاً مش مهم تنتخب جمهوري أو ديمقراطي .. صحيح البيت الأبيض بيحط التاتش بتاعته على مسار الأحداث لكن القرار ليس قراره منفرداً أبداً .. فيه "ثينك تانك" مرتبط بأهم الجامعات والمراكز البحثية هو اللي بيضع سياسات أمريكا لعقود قادمة وفيه مجلس أمن قومي لا يستطيع أي رئيس إنه ياخد أي قرار إلا بالرجوع ليه وفيه كونجرس وسينات هاوس بيمثلوا الولايات وتجمع المصالح ورؤوس الأموال واللوبيز والشعب والأمور منظمة مؤسسياً بصرامة .. حتى الأحزاب تحولت إلى مؤسسات لتفريخ السياسيين المؤهلين للحكم .. طبعاً فيه شللية لكن الكفاءة والخبرة معيارين لا يتنازلوا عنهم أبداً وده سبب قوتهم ونجاحهم

طبعاً بالنسبة لنا كمصريين وكشرق أوسطيين بنختزل أي مصيبة بتعملها أمريكا في الرئيس الأمريكي لأنه الواجهة ولأننا متعودين على حكم الفرد وليس حكم المؤسسات لكن الحقيقة صناعة القرار في أمريكا يكاد يكون من المستحيل إنه يكون في يد الرئيس الأمريكي وحده .. ولو فرضاً والرئيس عمل مصيبة بعيداً عن المؤسسات بتنتهي بفضيحة زي نيكسون كده .. ولو حاول يتمرد على القرار المؤسسي ممكن ينتهي نهاية مش لطيفة زي أكتر من رئيس أمريكي آخرهم كينيدي مثلاً 

المهم .. وبرغم إني كنت أتمنى بلدي تكون في مصاف الدول المتقدمة سياسياً وحكمها مبني على مؤسسية صريحة تضمن التداول السلمي للسلطة والفصل بين السلطات وتمثيل إرادة الناخبين ولكن الواقع مختلف في مصر ولابد أن أصل إلى مرحلة الإعتراف بده .. وبرغم إني وبمنتهى الأمانة كنت أتوقع أن ينتج عن الحراك السياسي الدائر على مدار قرب الثلاث سنوات جيل جديد من السياسيين وصناع القرار لكن الواقع على الأرض مخزي .. كل ما أدور حواليا على أي سياسي تحت الستين يصلح لإدارة مصر لا أجد لا الكفائة ولا النضج السياسي الحقيقي القادر على إحداث تغيير ولا حتى الإمساك بزمام بلد هي أقدم دولة في تاريخ البشرية بل هي اللي اخترعت مفهوم الدولة وصدرته للعالم 

يمكن لو تم إصلاح التعليم والإعلام وتخليص الثقافة من أباطرة التأليب الطبقي وناشري فكر العدالة الإجتماعية المبنية على حرمان المتميز من ثمرة تميزه والمجتهد من ثمرة اجتهاده اللي بتنفر الناس بالفطرة .. ويمكن لو تمت إدارة الموارد والتخطيط للبلد دي صح يتغير شكلها في خلال عقد أو عقدين من الزمن .. لكن النهاردة إيه هو واقعها ؟ واقعها إنها بلد مليء بالمشاكل المتراكمة يمكن من قرن من الزمان .. بلد في حالة حرب يُراد لها التحطيم والتكسير من داخلها بزرع طابور خامس بيردد شعارات لطيفة عن تمكين الديمقراطية إلخ وساعة الفعل عايز يمكٍن عصابة فاشية إرهابية من رقبتها ورقبة مواطنيها

مش هشغل نفسي بالدستور لأن قراري دائماً هو رفض أي دستور يحدد دين للدولة أو ينص على أي تمييز إيجابي لمجموعة من المواطنين حتى ولو كانوا غالبية السكان .. قناعتي إن الدستور عقد إجتماعي ينص على المساواة التامة بين مواطنين أي بلد بصرف النظر عن الإختلاف الديني أو الجغرافي أو العرقي فيما بينهم .. وده لا كان متوفر في دستور 71 ولا 2012 ولا هيكون متوفر في الدستور القادم .. مش هقعد في بيتنا وأقاطع لأ .. هنزل أقول لأ على الدستور القادم طالما استمر على التمييز أو نص على نصوص تحول مصر لدولة الولي الفقيه

أما عن الرئاسة وبمنتهى الأنانية والبحث عن المصلحة الخاصة والراحة في الكام سنة اللي فاضلين في عمري هختار "الزعيم" المُلهَم "مش مصدقة إني بقول كده بس مسيري أتعود" .. هختارالأشرس والأعنف واللي فعلاً قادر على تنضيف بلد محتاجة تنضيف من أكوام من القمامة الفكرية والسياسية .. ويا ريت يكون عنده فكر تقدمي حداثي حضاري .. طول عمري نفسي في أتاتورك وإينونو بس عارفة إن حتى الأمنية دي صعبة التحقيق في مصر .. ولكن هحاول أختار الأنسب لبلدي من وجهة نظري شأني شأن كل المواطنين البسطاء اللي لا هم نخبة ولا مثقفين واللي بيختاروا بناءً على واقعهم مش بناءً على رغبة قهوة البورصة ولا نادي السيارات .. هختار مينا-نارمر 


No comments:

Post a Comment