Tuesday, August 6, 2013

المأساة المصرية




جمال الغيطاني فعل فعلة شنعاء .. مارس حرية الرأي المحرمة منذ يناير 2011 .. انتقد أداء نائب رئيس الجمهورية المصرية وحذر من مغبة تصرفاته وأفعاله .. جمال الغيطاني تجرأ وكتب مقالاً في جريدة الأخبار القومية انتقد فيه موظفاً من موظفي الدولة !

هل ترون ما أرى ؟ .. ببساطة جمال الغيطاني فعل شيئاً عادياً .. مارس حقه المكفول بالدستور والقانون وقال رأيه .. عمل بشعار يناير الأول "حرية" .. مارس حرية الرأي والتعبير .. مارس ما إدعت يناير أنها "وهبته" للمصريين الذين أتت لتعلمهم الكرامة وتهبهم الحرية ..

المشكلة أن الغيطاني وهو القيمة والقامة وهو تلميذ نجيب محفوظ النجيب .. الغيطاني القاريء والباحث والصحفي المخضرم والكاتب اللامع .. الغيطاني موسوعة التاريخ المتحركة والذي إذا لم تقرأ ما كتبه عن مصر المملوكية فأنت لا تعرفها .. المشكلة أنه وقع في غلطة عظيمة .. لقد انتقد الغيطاني أيقونة يناير المقدسة ويالجرأته ويالهول ما فعل ..

فاستحق الغيطاني بجدارة تويتة تهكمية من الإله المعبود زيوس البرادعي .. مذيلة بديباجة صماء لا تعني أي شيء إلا أن الطريق طويل في سبيل تطهير مصر من أحرار المصريين .. الأيقونة لا يمارس ما يدعو إليه من شعارات جوفاء عن الحرية والديمقراطية هذا شيء نعرفه .. 

ولكن الأيقونة لم يعد أيقونة الآن ! هو موظف لدى الدولة المصرية والمفترض أنه يعمل لمصلحتها .. سياسياً ليس من المسوح له أن يُبدي رأياً شخصياً من لحظة تسلمه لمنصبه لأنه إن تكلم فهو يعبر عن رأي الدولة المصرية "إن اعتبرنا أن هناك دولة حالياً" .. 

نائب رئيس الجمهورية لشون رعاية الإرهاب والإخوان كما أسميه أنا لم يهتم لفتن طائفية تحرق الصعيد .. لم يهتم لمواطنين مصريين يقفون وحيدين يدفعون نتيجة ثورة 30 يونيو والخلاص من الإحتلال الفاشي .. يدفعون الثمن فقط لأنهم مسيحيين وعددهم أقل .. استجدى الكثيرون البوب في تويتة من أجلهم وأنا كنت أنتظر فعلاً لا قولاً .. ولم يهتم كذلك لدماء مصرية سالت في كل مكان على يد من يريد أن يعيدهم للحكم .. الدم المصري لديه رخيص طالما هو ليس بدم الإخوان ..

كراسي المعارضة مريحة تسمح لكل من كان أن يطلق الأحكام وينسج النظريات .. ولكن مقعد المسئولية يظهر حقيقة الناس .. سيأتيني رد يقول مسئولية البوب هي العلاقات الدولية والشئون الخارجية .. والرد لماذا إذن يتدخل في الشئون الداخلية وبالأخص الأمنية من فض بؤر أرهابية وعودة الأمن للشارع ؟ هل هذه شئون علاقات دولية ؟

اليوم هو يوم كيل السباب واللعنات لجمال الغيطاني من الدراويش المراهقين في كل ركن من أركان الفضاء الإفتراضي .. فدراويش البوب والرُكًع السجود في محرابه ينادون بالحرية أي نعم ولكن فقط لأنفسهم .. يشتركون مع الإخوان في نقطة مهمة لا يلتفت لها الكثيرون .. يريدون محو تاريخ مصر قبل 25 يناير .. يريدون أن يصمت كل المصريين فلا يتكلم أحد سواهم ..

الدراويش لا يجيدون فن المجادلة بالحق .. تعوزهم الحجة ليقارعوا بها حجة مخالفة .. لا منطق لديهم سوى عبادة البوب وتأليهه وتقديسه .. وسيلتهم الوحيدة في الرد على أي رأي مختلف .. كل رأي مختلف .. هي السباب والطعن والتجريح والتشهير والوصم والإتهامات الجاهزة المعلبة فهذا فلول وهذا جاهل وتلك ثقافتها وضيعة والآخر مريض بمتلازمة ستوكهولم والجالس هناك عبد يرفع المظلة إذا ما أمطرت السماء حرية من تلك التي تدعيها يناير ..

المأساة المصرية تتجلى في أحلك صورها في تعليق كتبه ناشط ينايرجي مشهور على تويتر .. يقول " جمال الغيطاني بدأ كمراسل على الجبهة وده يوضح كل حاجة" .. جمال الغيطاني بكل إنتاجه وفكره وبحثه اختزله الينايرجي في أنه بدأ حياته مراسلاً صحفياً على جبهة الحرب وكأن هذه مسبًة !!

في التعبير البليغ للناشط الشهير ومن وجهة نظري اختصار لمقالات كثيرة وأبحاث أكثر عن المأساة المصرية .. المأساة التي هي مزيج من الجهل واحتقار الوطن والعداء للجيش .. وماذا ننتظر من دروايش وعُبًاد الدبلوماسي القائل "الجيش بيعمل مكرونة يا منى" .. لن أتناقش في جدلية اقتصاد الجيش وما يسببه من صداع لأمريكا لأنها تعلم بالطبع أن الجيش يصنع أشياء أخرى بجانب المكرونة والأسمنت والحلل والبوتاجازات .. أشياء تزعجها وطابورها الخامس .. ولأن اقتصاده يمكنه من تنويع مصادر التسليح ولا يقصرها فقط على السلاح الأمريكي مما يعطيه استقلالية في القرار ..

هنا يقفز إلى ذهني سؤال طالما سألته لنفسي وأنا أكره إنقلاب 52 وأحمل من قاموا به "الضباط الأحرار وشركائهم الإخوان" المصير الأسود الذي أدى ببلدي إلى يومنا هذا ومعاناتنا هذه .. برغم ذلك لماذا لا أكره جيش بلادي ؟ .. ربما أنا مدينة للرئيس السادات الذي بملحمة أكتوبر جعل الجيش في كل بيت وفي كل قلب وجعله رمز عزة مصر وكرامتها وفخرها .. ببساطة لا أستطيع أن أحقد على شيء حدث منذ أكثر من 60 عاماً وأحمل الجيش المصري الموجود حالياً ذنبه ..

قد لا أكون شخصاً مشهوراً أو صاحب قلم أو رأي .. وأعلم أن من يقرأ كلماتي المتواضعة لا يتعدى بضعة مئات ولكن عليَ أن أوجه تحية مخلصة من قلبي في الفضاء الرحيب لكل من حمل راية مصر إلى أعلى ولكل من غامر بحياته لينقل أخبار الحرب في كل الحروب التي مرت بها مصر فهؤلاء هم الأصدق والأشجع ..

والأهم عليَ أن أحيي كل من لم يرضخ لفاشية يناير .. كل من خرج في 30 يونيو ليسقط يناير وكل إفرازاتها ويثور على ما أنتجته من فاشية وما أتت به من إحتلال لمصر .. فقد ثبت بالدليل القاطع أن الإخوان لم يكونوا أبداً فصيلاً وطنياً كما إدعى شريكهم السيد البرادعي ولكن كانوا مندوب إحتلال أمريكي على الأرض المصرية .. 

تحية خاصة كبيرة للأستاذ جمال الغيطاني على كل كلمة كتبها وإن اختلفت مع بعض ما كتب .. تحية لأنه قام بواجبه كمثقف حقيقي وقال كلمة يظنها الحق ولم يختر نفاق الشعبوية كما فعل كتاب كثيرون في العامين ونصف المنصرمين .. 

من فضلكم اقرأوا مقال الأستاذ الغيطاني واختلفوا معه كما تشاؤون .. لكن اقرأوه فقط إعلاءً لقيمة حرية الكلمة والتعبير .. إعلاءً لقيمة انتقاد السلطة أي سلطة عندما تحيد عن مسار إرتضاه الشعب .. اقرأوه لتحطموا الأصنام .. أصنام الشخوص وأصنام الأفكار ..

وأختتم بأن أنشر لينك المقال وأكرر كلمات جمال غيطاني .. هذا رجل خطر على الشعب والدولة





No comments:

Post a Comment